طائر اللقلق الابيض: زيارة مبكرة لفلسطين

سوسنة، الحارث يوسف
على بعد أسبوع تقريبا من الموعد الطبيعي لبدء الهجرة الخريفية للطيور المحلقة، رصدت أسراب من طائر اللقلق فوق الجبال الى الشرق من مدينة القدس.
وقال المدير التنفيذي لجمعية الحياة البرية في فلسطين عماد الأطرش، إنه تمكن من رصد فوج كبير لطائر اللقلق الأبيض، الذي حل في منطقة الرشايدة قرب بيت لحم، جنوب الضفة الغربية.
واللقلق من بين عشرات الأصناف من الطيور المحلقة، التي تتخذ من فلسطين محطة مؤقتة، خلال رحلتها الخريفية باتجاه القارة الإفريقية.
كان هذا السرب حسب الأطرش في منطقة البقاع جنوب لبنان، ثم أكمل مسيره نحو الضفة الغربية في هذه الرحلة المثيرة.
يأخذ رصد الطيور حيزا كبيرا لدى المهتمين بالتنوع الحيوي في فلسطين، ومتابعي الطيور القادمة إلى المنطقة، لتسجيل الملاحظات والمعلومات العلمية عنها.
فخلال الهجرة تجتمع أصناف من الطيور التي تأتي بالملايين إلى فلسطين، لتعطي فرصة لكل المهتمين من تتبع أخبارها، وإجراء البحوث العلمية عنها.
وعلى الرغم من أنه ليس الموعد الطبيعي لهجرة الطائر، لكن الأطرش قال، “هذه حالة نادرة الحدوث، لكنها ممكنة”.
يسمى ما حدث مع الطائر الذي رصد، عند المهتمين بعلم الطيور، بالهجرة المبكرة للطيور، التي تكون على دفعات صغيرة.
لكن الملفت في هذا الأمر حسب الأطرش، أن الفوج كان كبيرا جدا، قدره بحوالي خمسة آلاف طائر.
ورغم ذلك فإنه ليس أكبر فوج أمكن رصده خلال الهجرة الخريفية إلى فلسطين، لكنه من الأفواج الكبيرة حقا.
ففي العاشر من أيلول/ سبتمبر عام 2000، رصد الأطرش في نهار واحد حوالي عشرين ألف طائر لقلق.
تبدأ الهجرة الخريفية من “منتصف أغسطس/آب يسبقها أحيانا هجرة مبكرة مثل هذا الفوج الذي تم رصده مؤخرا، وتستمر حتى منتصف تشرين الثاني/ نوفمبر”.
يقول الأطرش: “كل فلسطين مسارات للطيور المهاجرة خلال رحلتها الخريفية”.
يمر عبر سماء فلسطين سنويا في الهجرة الخريفية، حوالي 400 نوع من الطيور، تضم حوالي 500 مليون طائر تزور فلسطين في الخريف.
يعد الزرزور واللقلق والحدأة، من أشهر الطيور المهاجرة التي يتم رصدها سنويا في فلسطين خلال الهجرة الخريفية لهذه الطيور.
ويلعب ارتفاع درجات الحرارة دورا كبيرا في رحلة الطائر أثناء هجرته الخريفية، سواء من حيث عدد الطيور، أو المسارات التي تسلكها، وهذا ما يفسر لجوء هذه الطيور إلى مسارات فوق المناطق الجبلية.
يصنف اللقلق من الطيور المحلقة، ويعني هذا أنه في اليوم الواحد يقطع مسافة ما بين 800 و 1000 كيلو مترا مرة واحدة.
تنطلق الطيور المهاجرة في الهجرة الخريفية من دول أوروبا مرورا بتركيا ثم فلسطين، وصولا الى افريقيا.
وطائر اللقلق الذي رصده مهتمون بعلم الحياة البرية اليومين الماضيين، انطلق من دول مثل ألمانيا، بولندا، فرنسا، إسبانيا، مرورا بتركيا ثم إلى فلسطين، ثم إلى إفريقيا.
صنف آخر من الطيور المهاجرة في الهجرة الخريفية مثل “الفري”، ينطلق من صقلية، وقبرص الى شواطئ البحر الأبيض المتوسط، لكن في العامين الأخيرين افتقد شاطئ بحر غزة عشرات الآلاف من طائر “الفري” المهاجر، بسبب العدوان الإسرائيلي المدمر على القطاع.
قال الأطرش “كان المواطنون في قطاع غزة قبل العدوان الإسرائيلي على القطاع، يصطادون في العام الواحد حوالي 40 ألف طائر”.
تحلق الطيور “المحلقة” في الهجرة الخريفية، على ارتفاع يصل إلى ٣٠٠ متر، وتقطع آلاف الكيلومترات خلال هذه الرحلة التي تمتد لأسابيع.
بعد انتهاء فترة الهجرة الخريفية، قسم من طائر اللقلق يغادر المنطقة بعد يومين من الراحة ويكمل هجرته، فيما القسم الآخر يمكث فترة الخريف كلها، وغير الناضج منها يظل للموسم التالي، فيما الصنف الثالث هي طيور مفرخة.
يبلغ اللقلق سن البلوغ عند العامين، ويبدأ ببناء العش والاستقلال، وبالعادة يبني تلك الأعشاش على رؤوس أعمدة الهواتف والكهرباء.
يصل متوسط وزن الطائر لــ4 كيلوغرامات، ويصل طوله من منقاره حتى نهاية ذيله ما بين 100-115 سم.