معاهدة البلاستيك: فرصة أخيرة في جنيف؟
سوسنة، جميل ضبابات
يراهن مجتمعون من نحو 180 دولة على إخراج أول معاهدة لمعالجة الأزمة العالمية المتمثلة بالتلوث البلاستيكي في كوكب الأرض عوضا عن الاحتمال السوداوي الآخر وهو تضاعف حجم البلاستيك 3 مرات بحلول عام 2060.
وبدأت اليوم جنيف الجولة النهائية من المفاوضات لإبرام أول معاهدة عالمية ملزمة قانونيا لمعالجة أزمة التلوث البلاستيكي، في إطار الجزء الثاني من الجلسة الخامسة للجنة التفاوض الحكومية الدولية.
وتجمع هذه المحادثات، التي تستمر من 5 إلى 14 آب الجاري، وفودا من حوالي 179 دولة، إلى جانب أكثر من 1900 مشارك من 618 منظمة مراقبة، بما في ذلك علماء، بيئيون، وممثلو الصناعة.
وتهدف المحادثات إلى التوصل إلى إجماع حول القضايا العالقة التي أعاقت التوصل إلى اتفاق في الجولة السابقة في بوسان/ كوريا الجنوبية، في كانون الأول 2024.
تشير التقديرات إلى أن البشرية استهلكت في عام 2024 أكثر من 500 مليون طن من البلاستيك، تحولت 399 مليون طن منها إلى نفايات، وفقا لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة .
ومن المتوقع أن يزداد تسرب البلاستيك إلى البيئة بنسبة 50% بحلول عام 2040، مما قد يكلف العالم تراكميا نجز 281 تريليون دولار بين عامي 2016 و 2040 حسب تقديرات متقاربة إذا لم تتخذ إجراءات حاسمة.
وقد ارتفع إنتاج البلاستيك من 2 مليون طن في عام 1950 إلى 475 مليون طن في عام 2022.
ويُعاد تدوير أقل من 10% من البلاستيك المنتج، مما يفاقم الأزمة البيئية والصحية.
على الصعيد البيئي، يشكل التلوث البلاستيكي تهديدا كبيرا للحياة البحرية، حيث وصلت الجزيئات البلاستيكية الدقيقة والنانوية إلى أبعد المناطق في المحيطات.
ويرتبط إنتاج البلاستيك، الذي يعتمد على الوقود الأحفوري بنسبة 99% ارتباطا وثيقا بأزمة المناخ، حيث يسهم في انبعاثات الغازات الدفيئة خلال دورة حياته.
وكانت المحادثات بدأت في عام 2022 بعد قرار الجمعية البيئية للأمم المتحدة في نيروبي لتطوير معاهدة عالمية تعالج دورة حياة البلاستيك الكاملة، من الإنتاج إلى التخلص.
و أدت الانقسامات العميقة إلى فشل الجولة الخامسة في بوسان في التوصل إلى اتفاق.
وتدعو أكثر من 100 دولة، بقيادة رواندا والمكسيك، إلى نهج طموح يتضمن أهدافا ملزمة لتقليص إنتاج البلاستيك وإزالة المواد الكيميائية السامة.
في المقابل تعمل دول أخرى على التركيز على إدارة النفايات البلاستيكية فقط.
يصف نشطاء بيئيون هذه المحادثات بأنها “فرصة العمر” لإنهاء التلوث البلاستيكي. ويحذرون من أن الإخفاق في التوصل إلى معاهدة طموحة سيؤدي الى مضاعفة الأزمة.
ودعت منظمة غرينبيس الشرق الأوسط وشمال أفريقيا قادة المنطقة إلى اتخاذ موقف جريء وموحّد من أجل معاهدة قوية وملزمة تحمي مجتمعاتنا و أنظمتنا البيئية واقتصاداتنا.
وجاء هذا النداء الذي وصل الى “سوسنة” نسخة منه، متزامنا مع توجّه أنظار العالم إلى جنيف استعداداً للجولة الأخيرة والأكثر حرجاً من المفاوضات من أجل معاهدة البلاستيك العالمية .
و قالت غوى النكت، المديرة التنفيذية لغرينبيس الشرق الأوسط وشمال أفريقيا “الميكرو بلاستيك أصبح الآن داخل أجسامنا، بما في ذلك أدمغتنا وأكبادنا، وفي المياه التي نشربها، والهواء الذي نتنفسه. هذه ليست مجرد قضية بيئية؛ إنها حالة طوارئ صحية عامة”.
ودعت المنظمة قادة منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى المطالبة بمعاهدة قوية تشمل أربعة أهداف رئيسية: هدف عالمي لتقليص إنتاج البلاستيك، حظر المنتجات البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد، أهداف طموحة لإعادة الاستخدام، وآليات تمويل قوية تدعمنا كدول في الجنوب العالمي لتنفيذ المعاهدة والانتقال العادل نحو مستقبل خال من البلاستيك.