سوسنة
قبل نحو اقل من 4 عقود بدأت قصة الكسندر رولين، مع بوم الحظيرة ليصبح اليوم واحدا من أكثر علماء العالم معرفة بخصائص هذا الطائر.
بدأ اهتمام رولين وهو أستاذ في قسم البيئة والتطور بجامعة لوزان السويسرية واشهر علماء طائر البوم في العالم، اهتمامه بالطيور منذ أن كان عمره 7 سنوات، لكنه في سن 18 (1986)، بدأ بالاهتمام ببومة الحظيرة.
وقال ” أدرس بومة الحظيرة منذ 34 عاما(..) من هذه المعرفة المتراكمة، ألفت كتابين عن هذا الطائر، وهناك كتب أخرى قيد الإعداد”.
وردًا على سؤال لماذا اختار هذا البوم تحديدا للدراسة والمتابعة؟ قال، ” قررت فعليا أن أكرس حياتي كعالم باحث في بومة الحظيرة عندما أدركت أن هذه الطيور تعرض تعددية في الألوان، حيث يكون هناك أفراد من نفس المجتمع ذوي ألوان بيضاء أو حمراء”.
بالنسبة لمجتمع علماء الطيور، فان بومة الحظيرة مثيرة للاهتمام من حيث حجم عائلتها الكبير، والتفاعلات الاجتماعية معقدة بين الفراخ الاشقاء.
وأوضح رولين، ان بومة الحظيرة لديها جوانب متعددة من الاهتمام، وجيناتها مثيرة للاهتمام، مشيرا الى ان العديد من الجوانب في تكوينها فريدة في مملكة الحيوانات، وتظهر كلها في كائن واحد.
واضاف “هذا يوفر مجالا واسعا للباحثين، ولم أتوقع كل هذا في بداية مسيرتي المهنية. عندما تدرس كائنا مثيرا للاهتمام وتستمر لعقود، يمكنك ربط العديد من الجوانب البيولوجية للحصول على رؤية شاملة ومتماسكة حول كيفية تطور الحياة”.
وتابع ” لكن كما قلت، تدرك هذا فقط بعد عقود. أعتقد أنني كنت محظوظا بما يكفي للبقاء مؤمنا بأبحاثي وعملت مع حيوانات مذهلة كهذه”.
تتميز بومة الحظيرة بانتشار عالمي ولها صفات بيولوجية متعددة تعتبر متطرفة مثل عدم تزامن واضح في الفقس (يكون فرق الفقس شهرا بين الفرخين الاكبر والاصغر)، وهي واحدة من أنواع البوم التي تنتج حضنتين سنويا.
وتكون فترة رعاية الوالدين الطويلة، اضافة ان لديها العديد من صفات الريش المرتبطة باستراتيجيات البحث عن الطعام .
وقال رولين “كل هذه الجوانب تجعل بومة الحظيرة كائنا مناسبا لدراسة الجوانب البيئية والتطورية”.
وتابع “بومة المخازن هي تقريبا الوحيدة التي تعتمد بشكل كبير على البشر، لكن في الشرق الأوسط، يمكنها التعشيش في صناديق مثبتة في وسط الحقول، وهو ليس الحال في أوروبا على سبيل المثال”.
أما حول علاقتها مع البشر يرى رولين “العلاقة مع البشر غامضة: من ناحية، تحتاج بومة الحظيرة إلى البشر للتعشيش، ومن ناحية أخرى، تعاني من الاضطرابات البشرية”.
يقول رولين، انه من حيث مستوى الذكاء مقارنة بالأصناف الاخرى من الطيور، من الصعب الحكم، لكن يمكن القول على الأقل إن فراخ بومة المخازن الصغيرة طورت سلوكا متقنا مثل “التفاوض بين الأشقاء”، وهي عملية يصرخ فيها الأشقاء لتحديد من سيكون له الأولوية في الحصول على الطعام الذي يجلبه الوالد.
ومن حيث قدرة الصيد، “يصعب الإجابة لأننا نعرف القليل عن العديد من أنواع البوم. أعتقد أن نسبة نجاح بومة الحظيرة في الصيد هي حوالي 30%، أي أن 30% من محاولات الصيد تنجح في القبض على فريسة”.
ومن حيث اللون حسب رولين، فان هناك الكثير من التنوع في أنواع البوم المختلفة، لكن بومة الحظيرة هي الوحيدة التي تظهر تدرجا في اللون من الأبيض إلى الأحمر. في البوم الآخر، يكون التنوع بين المحمر إلى الرمادي، وبالتالي يكون أقل وضوحا. كما أن بومة الحظيرة تتنوع في حجم البقع السوداء على الجزء السفلي من الجسم
من الابحاث المثيرة للاهتمام التي قام بها رولين وفريقه العلمي، واثارت اهتمام المجتمع العلمي هي العلاقة بين قدرة بوم الحقل على الصيد وسطوع ضوء القمر.
تشير نتائج تلك الابحاث الى نقطة اساسية، هي أن ضوء القمر ينعكس على ريش البومة البيضاء، مما يؤثر على سلوك الفرائس.
وباستخدام الاستعارات، تبدو البومة كأنها شبح، فتخاف الفريسة و تتجمد في مكانها. هذا يعطي “الشبح” الوقت لالتقاط فريسته!، وهذا الأمر يعبر عن نشاط ذكي بشكل خاص لأنه في الليالي المضيئة بالقمر، تكون الفرائس أقل نشاطا لأنها مرئية جدا للمفترسين.
قال رولين “في البداية، كنت أعتقد أن كون البومة بيضاء يجب أن يكون ذلك مشكلة بالنسبة لمفترس ليلي: الفرائس ستكتشف البومة البيضاء بشكل أسرع من الحمراء (التي تكون أكثر تمويها). ومع ذلك، فإن البوم المخطط غالبًا ما يكون أبيض وليس أحمر. لذلك كان هناك تناقض يستدعي الدراسة. كشفت دراساتنا أن حدسي كان خاطئًا: اللون الأبيض هو الأفضل للصيد.
أظهرت النتائج أن اكتمال القمر أثر سلبا على البوم الأحمر، لكنه أثر إيجابًا على البوم الأبيض.
“من الليلة التي يكون فيها القمر جديدا حتى ليلة اكتمال القمر، كانت الفراخ تعيش بشكل أفضل عندما كان الوالدان أبيضين، لكن فرص نجاتها تقل عندما كان الوالدان أحمرين.” هل يرتبط هذا بقدرة البومة البيضاء على البقاء بشكل أفضل من الأنواع الأخرى من البوم”
هذا يعكس حقيقة أن البوم الأبيض أصبح أكثر نجاحا في الصيد مقارنة بالبوم الأحمر عندما كان هناك المزيد من الضوء.
تم إجراء الدراسة في غرب سويسرا، قام رولين وفريقه على اثرها بجمع بيانات حول البومة المخططة على مدى 20 عاما، وفي عام 2020 (العام الذي نُشرت فيه الدراسة الأولى) استخدمت قاعدة بيانات حول ضوء القمر لمعرفة ما إذا كان هناك ارتباط بين لون البوم وضوء القمر على نجاحه في الصيد. وكان هناك ارتباط.
وقال رولين” بعد ذلك أجرينا تجارب لرصد رد فعل الفئران تجاه البوم الأحمر والأبيض في ظروف ضوء القمر المختلفة. وهكذا استطعنا إثبات أن الفئران تتجمد (تبقى ثابتة) لفترة أطول عندما يكون المفترس الذي تواجهه أبيض وعندما يكون القمر مكتمل”.