مدارس في الأغوار تفتح باب الطاقة النظيفة
سوسنة، الحارث يوسف
تجد المياه الرمادية في 3 مدارس في محافظة أريحا وهي المنطقة الأكثر انخفاضا عن سطح البحر في العالم، طريقها الى استخدام آخر بعد معالجتها بواسطة أساليب تكنولوجية متقدمة.
بالاعتماد على معدات يمكن تشغيلها بنظام الطاقة الكهربائية الصديقة للبيئة، أصبحت تلك المدارس التابعة لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين”الأونروا”، قادرة على معالجة المياه الرمادية واستخدامها لري الحدائق التابعة لها.
والمياه الرمادية، هي لتلك التي تنتج من استخدام مياه الصرف الصحي غير الملوثة بشكل مباشر بالفضلات البشرية، يمكن تدويرها واستخدامها في ري المزروعات في الحدائق، لتكون بديلة عن المياه العذبة.
يجمع مشروع “الحلول الخضراء والمستدامة لمدارس وكالة الأونروا”، في مناطق غور الأردن الذي يجري تنفيذه بين الأعوام 2023-2025، بين ركيزتين أساسيتين في عالم الطاقة النظيفة: الاولى، معالجة المياه الرمادية واستخدامها لري الحدائق، والثانية، الاعتماد على الطاقة الشمسية في تشغيل المعدات المستخدمة في معالجة تلك المياه.
وبهذا المشروع الممول من وزارة التعاون الاقتصادي والتنمية الألمانية BMZ عبر المؤسسة العالمية للطبيعة GNF وبالشراكة مع Chancen für Kinder، وتنفيذ من قبل “إيـكـوبيس الشرق الأوسط” بالتعاون مع الأونروا، دخلت 3 مدارس في الأغوار الفلسطينية، عالم الطاقة النظيفة.
يعكس هذا المشروع نموذجا عمليا لمدارس صديقة للبيئة في فلسطين، تتخذ من الطاقة النظيفة أسلوباً معتمدا لديها، وتسهم في رفع الوعي البيئي لدى الطلبة والمجتمع المحلي.
شمل المشروع تزويد 3 مدارس في محافظة أريحا والأغوار (مدرسة العوجا، مدرسة عين سلطان، ومدرسة الجفتلك) بأنظمة طاقة شمسية كهروضوئية (انظمة توليد الكهرباء من الشمس) تعمل وفق نظام الربط على الشبكة (On-Grid).
تغطي تلك الطاقة احتياجات المدارس من الكهرباء وتصدير الفائض إلى شبكة الكهرباء القطرية، الأمر الذي يسهم في تخفيض الفواتير الشهرية وتقليل الاعتماد على الكهرباء المشتراة من الخارج، إلى جانب المساهمة في خفض الانبعاثات الكربونية.
في موازاة ذلك، زودت تلك المدارس بمحطات معالجة وإعادة استخدام المياه الرمادية، ما يتيح استخدام المياه المعالجة في ري الحدائق المدرسية ودعم ممارسات بيئية مستدامة.
وبذلك، دخلت هذه المدارس من بابين أساسيين في الطاقة الخضراء، يمكن التعويل عليها في الحفاظ على البيئة.
يقول مدير المشروع علي عبدو، إن المدارس الثلاث تنتج من هذا المشروع ما قدرته 80 كيلو واط، تغطي احتياجات المدارس وتضخ الفائض في شبكة الكهرباء القطرية عبر نظام صافي القياس.
وهذه القدرة الاجمالية موزعة بقدرة 30 كيلو واط لكل من مدرستي عين السلطان (متصلة بالشبكة منذ آب عام 2024)، والجفتلك (منجز تقنيا بانتظار ربطها بالشبكة، لأسباب متعلقة بإعاقة الاحتلال لها)، و20 كيلو واط لمدرسة العوجا (متصلة بالشبكة منذ تموز 2024).
وبحسب عبدو فقد وفرت هذه الكمية من الطاقة، ما بين 40%-45% من فاتورة الكهرباء لكل مدرسة من المدارس الثلاثة، علاوة على خفض الانبعاثات الكربونية ما يعادل تشغيل أكثر من 200 حاسوبا.
في الصيف تزداد الحاجة في الأغوار الفلسطينية لعنصري المياه والكهرباء، نظراً لارتفاع درجة الحرارة فيها.
يوفر المشروع القائم في تلك المدارس هذين العنصرين الأساسيين في منطقة تلتهب صيفا.
وأنشئت من خلال المشروع ثلاث محطات معالجة للمياه الرمادية في المدارس الثلاث، بقدرة معالجة تصل إلى عشرة أمتار مكعبة يوميا في كل مدرسة، كانت نتائج الفحوصات المخبرية للمياه المعالجة مطابقة لمعايير الاستخدام الزراعي الآمن.
يتوقع القائمون على المشروع أن يستفيد بشكل مباشر أكثر من 2,500 طالب وطالبة من بيئة مدرسية صحية ومستدامة، وتعزيز وعي الطلبة والمعلمين والمجتمع المحلي حول الاستدامة، الطاقة المتجددة، وإعادة استخدام المياه.
كما تشير التوقعات إلى تخفيض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بمئات الأطنان سنوياً، وخفض انقطاع الكهرباء خلال الصيف وتحسين الحضور الطلابي، بهدف تقليل الغياب من 30% إلى أقل من 15%.