مؤشر نقاط السخونة المتوسطية: المنطقة مقبلة على تحولات مناخية جذرية

سوسنة، جميل ضبابات
باستخدام اداة جديدة تسمى “مؤشر نقاط السخونة المتوسطية” (ميد-هوت)، خلصت دراسة علمية إلى أن منطقة المتوسط قد تشهد تحولات مناخية جذرية بحلول نهاية القرن.
وتعتبر منطقة المتوسط واحدة من أبرز “نقاط السخونة” المناخية عالميا، ورغم ذلك، لا تتوزع هذه التأثيرات المناخية بالتساوي على المناطق المحيطة به.
وأصدرت مجلة “ساينتفيك ريبورت” التابعة لدار النشر “نيتشر” دراسة بحثية رائدة بعنوان “تحديد نقاط ساخنة للتغير المناخي في المتوسط”، أجراها فريق من الباحثين مكون من جورجيا لازوغلو، وأ. بابادوبولوس-زاخوس، وب. جيورجيادس، وآخرون.
وسلطت الدراسة الضوء على المناطق الفرعية الأكثر عرضة للتغيرات المناخية في حوض البحر الأبيض المتوسط، محددة 6 مناطق كبؤر ساخنة للمناخ بناء على تحليل شامل للظروف الجوية المتوسطة والأحداث المتطرفة.
وتُعد هذه الدراسة إنذارا مبكرا للسياسيين والمجتمعات المحلية، حيث يُتوقع أن يؤدي التسخين إلى تفاقم الجفاف، والموجات الحرارية، والفيضانات، مما يهدد الزراعة، والصحة العامة، والسياحة.
واستخدم الباحثون أداة جديدة تُدعى “مؤشر نقاط السخونة المتوسطية” ، إلى جانب “مؤشر التغير المناخي الإقليمي”، لتقييم الضعف المناخي بشكل شامل.
وهذه الأدوات تساعد في تحديد المناطق التي تحتاج إلى تدخلات عاجلة، مما يجعل الدراسة خطوة حاسمة نحو استراتيجيات التكيف المحلية.
بدأت الدراسة باستعراض الخلفية العلمية، موضحة أن حوض المتوسط يُصنف كمنطقة ساخنة للتغير المناخي منذ سنوات، حيث يُتوقع ارتفاع درجات الحرارة بنسبة تفوق المتوسط العالمي بناء على تقارير الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ.
وفقا للدراسة، من المتوقع انخفاض هطول الأمطار السنوي بنسبة 4% لكل درجة مئوية واحدة من الارتفاع العالمي في درجة الحرارة.
وهذا الانخفاض يؤثر بشكل خاص على المناطق الشمالية في فصل الصيف، وعلى جميع الفصول في المناطق الوسطى والجنوبية.
وابرزت الدراسة، التي أجراها فريق لازوغلو، مخاطر الأحداث الجوية المتطرفة، مثل ارتفاع درجات الحرارة الدنيا المتطرفة.
وحسب الدراسة، فان مؤشر التغير المناخي الإقليمي المتطرف يشير إلى أن المتوسط أقل استجابة مقارنة بمناطق أخرى مثل ألاسكا، لكن الدراسات المحلية تؤكد الحاجة إلى تحليل أعمق بسبب التأثيرات على الزراعة، والصحة، والسياحة.
في المستقبل، تتوقع الدراسة زيادة في موجات الحرارة، وهطول أمطار متطرف في الشمال، وتعزيز أحداث الهطول الشديدة.
هذه التوقعات مبنية على نماذج مناخية متقدمة، وتؤكد على الفجوة في التحليل الشامل للمناطق الفرعية.
وكان من أهداف الدراسة أيضا سد هذه الفجوة من خلال تحديد المناطق الفرعية الأكثر ضعفا باستخدام مؤشري “مؤشر نقاط السخونة المتوسطية” MED-HOTو”مؤشر التغير المناخي الإقليمي” وRCCI.
من الناحية المنهجية، اعتمدت الدراسة على بيانات يومية لدرجات الحرارة وهطول الأمطار للفترة من 1981 إلى 2022، وقسمت الفترة إلى مرحلتين تاريخيتين: المبكرة (1981-2000) والمتأخرة (2001-2022) لتحليل الاتجاهات.
وقسمت المنطقة المتوسطية إلى 30 منطقة فرعية متساوية الحجم، مع استبعاد المناطق غير المتوسطية.
في النتائج، اشار مؤشر MED-HOT المناطق إلى خمس فئات، حيث تشير القيم المنخفضة إلى تغييرات طفيفة.
وتظهر القيم المنخفضة في غرب إيبيريا ووسط/شرق شمال أفريقيا، بينما القيم العالية في شرق إسبانيا، الساحل الدالماتي، جبال الألب، شمال اليونان، وتركيا.
في التحليل الفرعي، تبرز نقاط ساخنة مثل جنوب شرق المتوسط إسرائيل وفلسطين، شمال اليونان ، وشمال إيطاليا.
أما التحليل الثانوي يحدد قبرص وشبه الجزيرة الإيبيرية وجنوب إيطاليا/صقلية كنقاط ساخنة، مع استجابة أقوى في جنوب إيطاليا.
وتؤكد الدراسة على أن المتوسط هو بالفعل نقطة ساخنة، وتلبي الحاجة إلى تحديد النقاط المحلية، مشيرة إلى أن المناطق الفرعية الست المحددة هي الأكثر ضعفا مع التركيز على شرق المتوسط (إسرائيل كمثال رئيسي)، حيث تكون التأثيرات الأكثر شدة.
و هذه النتائج تتوافق مع دراسات سابقة تشير إلى زيادة الجفاف في الجنوب والشرق، ومخاطر الفيضانات في الشمال.
وناقشت الدراسة الآثار على القطاعات الرئيسية: في الزراعة، يؤدي الجفاف إلى انخفاض الإنتاجية، خاصة في إيبيريا وقبرص؛ في الصحة، تزيد موجات الحرارة من الوفيات، كما في اليونان وإسرائيل.
أما السياحة، فتتأثر بالحرارة الشديدة في جنوب إيطاليا.
كما لفتت إلى الحاجة إلى سياسات تكيفية محلية، مثل تحسين إدارة المياه وتعزيز الزراعة المقاومة للجفاف.
وتُعد الدراسة، خطوة أساسية نحو فهم أفضل للتفاوتات الإقليمية، وتدعو إلى تطبيق مؤشرات MED-HOT وRCCI في السياسات العامة، التي يرى فيها خبراء المناخ أداة قيمة لصانعي السياسات.
و قال الدكتور جورجيا لازوغلو، المؤلف الرئيسي، “هذه النتائج تُبرز الحاجة إلى التركيز على المناطق الفرعية بدلاً من النظرة العامة، لضمان تكيف فعال.”
وتاتي هذه الدراسة في وقت حرج، حيث يواجه المتوسط موجة من الأحداث المناخية الشديدة في 2025، مثل حرائق الغابات في اليونان والجفاف في إسبانيا.