بذور النباتات البرية تجد مكانها للحفاظ من الاندثار

سوسنة، الحارث يوسف
في الفضاءات المفتوحة في برية بيت لحم جنوب الضفة الغربية، تنشط حركة دؤوبة لفريق مختص تابع لمعهد فلسطين للتنوع الحيوي والاستدامة في جامعة بيت لحم، يرافقهم متطوعون، يعملون على جمع بذور النباتات البرية في تلك المنطقة.
ففي الأشهر الماضية بدأت تلك الطواقم المختصة بجمع بذور لنباتات برية، توطئة لفرزها وحفظها في بنك البذور التابع للمعهد.
يسعى القائمون على هذه الخطوة الفريدة إلى الحفاظ على أصناف متنوعة من النباتات البرية في مواطنها الطبيعية بالضفة الغربية.
يقول محمد نجاجرة نائب المدير للمتحف والحديقة النباتية لمعهد فلسطين للتنوع الحيوي والاستدامة في جامعة بيت لحم: إن بنك البذور هو مشروع أطلق هذا العام للحفاظ على التنوع الحيواني والنباتي، الهدف منه جمع أصول النباتات البرية في الضفة الغربية، وأراضي عام 1948.
تنمو في فلسطين، وفقا لورقة تعريفية نشرها مركز المعلومات الوطني الفلسطيني، بعنوان “الثروة النباتية في الأراضي الفلسطينية”، مجموعات متنوعة من النباتات البرية يزيد عددها عن 1500 نوع متوطن، ومنها 46 نوعاً خاصا بفلسطين، وعدد لا بأس به من هذه النباتات تؤكل طازجة أو مطبوخة.
يعمل الفريق حاليا على جمع البذور البرية في برية بيت لحم والقدس، مع إعطاء فرصة لجمع بذور نباتات نادرة يمكن التوجه إليها في مناطق بعيدة.
يتكون الفريق من خمسة مختصين بالإضافة إلى متطوعين من كافة التخصصات، يستمدون المعرفة من الدورات المقدمة.
في بنك البذور الخاص بالنباتات البرية، يمكن حفظ البذور المجموعة من تلك النباتات البرية في حال حدوث أمر طارئ.
يقول نجاجرة “يتم تطوير البنك وارفاقه بالتجهيزات اللازمة لخلق بيئة مناسبة لحفظ البذور”.
تختلف مواعيد جمع بذور النباتات البرية، باختلاف موعد نضج النباتات المختلفة، وفترة الأزهار ونضج البذور.
قال نجاجرة، بعض أنواع النباتات يمكن جمع بذورها في بداية فصل الصيف مثل الأبصال، وأخرى يمكن جمع بذورها في بداية فصل الخريف مثل بذور السماق، والبلوط.
هذه الأيام يجمع الفريق المختص والمتطوعون غالبية أنواع البذور للنباتات والشجيرات البرية.
تحمل بعض النباتات أصول برية وأخرى زراعية، وفي البنك التابع للمعهد يمكن معرفة الأصول البرية للنباتات، وعلى سبيل المثال الترمس العادي، والخس العادي، صنفان زراعيان لهما أصول برية.
هنا تكمن أهمية هذا البنك الذي قال عنه نجاجرة إنه الوحيد في الضفة الغربية.
يجمع الفريق القائم البذور من النباتات، ليتم إدخالها إلى مرحلة الاستخلاص، قبل أن تدخل البذرة لفحص نسبة الإنبات والتجفيف، ثم المعاملات اللازمة للتأكد من نسبة الرطوبة وخلوها من الحشرات، وحفظها عند درجات حرارة معينة داخل مخزن البذور.
قال نجاجرة، تحفظ البذور في درجات حرارة تتراوح بين 10و16 درجة مئوية.
وأضاف، كلما كانت درجة الحرارة أقل من 16 درجة مئوية كانت مدة الحفظ أطول.
وبينما تتراوح نسبة الرطوبة المثلى لحفظ البذور في البنك بين 5%-10%، فإن زيادة نسبتها يمكن أن تتسبب بعفن البذور، أو نمو في بعضها.
حتى هذه اللحظة استطاع القائمون على جمع البذور، تسجيل 20 صنفا من بذور النباتات البرية، مع انتظار تسجيل أصناف أخرى قيد المعالجة.
قال نجاجرة يسعى الفريق إلى حفظ حوالي 500 بذرة من كل صنف، لكن نجاجرة ذاته قال هناك بعض النباتات النادرة يمكن حفظ عدد أقل.
يولي القائمون على المشروع الأولوية للنباتات البرية في المناطق المهددة بالاستيطان أو التي يُتوقع صعوبة الوصول إليها مستقبلًا.
يقول نجاجرة: جمعنا بذور شجرة الزعرور من أرض يريد صاحبها البناء فيها.
إن حالة مثل هذه تعطي فرصة جميلة للحفاظ على صنف من أصناف النباتات والأشجار البرية في الضفة الغربية.
“حالفنا الحظ كثيرا وجمعنا عينات من بذور تلك الشجرة”. أضاف لــ”سوسنة”.
من النباتات التي استطاع الفريق جمع بذورها كانت لنبتة “كف مريم”، التي تستخدم في المجال الطبي.
ورغم كل هذه الجهود المبذولة في جمع تلك البذور، قال نجاجرة إن الفريق لا يجمع بذور النباتات الغازية التي يصادفها أثناء جولاته الميدانية.
والنباتات الغازية هي تلك التي تتنافس مع النباتات المحلية، وتؤثر على التنوع الحيوي، كما أنها تفرز مواد كيميائية تؤثر على النباتات الاصيلة، وبعضها ينتج اشواكا تؤثر على الماشية.
بعد جمع البذور النباتات البرية في الطبيعية، يدخل قسم من تلك العينات إلى المعشب النباتي، وبعد نموها تزود الحديقة النباتية التابع للمعهد بها، فيما تنقل البذور المتبقية إلى البنك لحفظها.
في الحديقة النباتية أكثر من 400 نوع من النباتات البرية التي يتم حفظها لمنع انقراضها، منها 95 نوع نادر ومهدد بالانقراض.
في حال انقرضت من الطبيعة يمكن ارجاع من البذور الى الطبيعة للحفاظ على استمرارية تواجدها في الطبيعة.
يقيم البنك شراكات مع بنوك بذور عالمية للاستفادة من الخبرات والدورات التي يتلقاها المختصين والمتطوعين، وتدريبات ميدانية للتعامل مع البذور البرية.
في المستقبل يسعى البنك وفقا لنجاجرة إلى إرسال عينات من البذور البرية إلى بنوك عالمية لحفظها.