سوسنة
ضمن سلسلة طويلة من الصور الفوتوغرافية التي تنشر في فضاءات مواقع التواصل الاجتماعي، تظهر تفاصيل ومكونات البيئة الفلسطينية حلقة مميزة في البوم الصورة الفلسطينية.
خلال السنوات القليلة الماضية برزت ظاهرة ، مصوري الطبيعة، الذين قدموا شكلا جديد للصورة في بلد غالبا ما سيطرت الصورة الحربية على المشهد العام.
فلسطين، التي أنتجت تقريبا نمطا معينا من الصور الحربية، أمكن لمجموعة من هواة التصوير، والمحترفين الخروج بلقطات تأسر الألباب بجمالها، فــصور الحياة البرية التي ينشرها المصورون حاضرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وتنشط بشكل ملحوظ في أواخر فصل الشتاء وكامل فصل الربيع.
عام 2021، نشرت مجلة “ناشيونال جيوغرافيك” ابوظبي عبر صفحتها في “فيس بوك”، صورتين لطائرين التقطهما الشاب وسيم دراغمة من مدينة طوباس شمال الضفة الغربية.
والصورتان لطائري الرفراف الأخضر الشائع، وهو طائر مهاجر (زائر شتوي)، والعصفور السينائي الوردي، وهو نوع من الطيور المقيمة.
وبالنظر إلى المنصة التي نشرت عليهما الصورتان: “نحن نتحدث عن وصولهما إلى العالمية”. قال المصور البيئي دراغمة.
وعبر حسابات شخصية في مواقع التواصل الاجتماعي، ينشر هذا المصور بشكل متكرر لقطات مختلفة لطيور وأزهار التقطتها عدسات الكاميرات التي يملكها، تنمو في مناطق مختلفة من الضفة الغربية.
وعلى حد قوله، فقد تلقى إشارات متتالية عن جمالية الطبيعة في فلسطين.
ويبذل مصورو الطبيعية ومعظمهم من الهواة في فلسطين، جهوداً مكثفة لنقل الهوية الفلسطينية إلى المحافل الدولية، ونافس بعضهم خلال السنوات الماضية في مسابقات عالمية.
تعيش المنطقة هذه الأيام موسم الهجرة الخريفية للطيور إلى فلسطين، والتي تبدأ منتصف شهر آب، وفي مثل هذه الأيام قبل عامين، التقط دراغمة صورة لطائر “العويسق”، أحد الطيور المهاجرة وقد نالت المركز الأول في إحدى المسابقات.
يقول رشيد لفداوي، أحد مؤسسي الملتقى الفلسطيني للتصوير والاستكشاف، وهي جهة غير رسمية لا يقل عدد المنتسبين إليها عن 100 شخص: “الصور التي نلتقطها خاصة للطيور المقيمة، والنباتات تعتبر جزء من الهوية الوطنية مثل عصفور الشمس الفلسطيني، وزهرة السوسنة “.
يقول لفداوي: “أقمنا معرضا لصور البيئة الفلسطينية في تركيا، شارك فيه 105 مصورا(..)، أنت هكذا تنقل الهوية الفلسطينية وطبيعة البيئة الفلسطينية إلى الخارج”.
يشير عماد ابو دواس هو مصور بيئي وهو استاذ الهندسة في علوم الهندسة في جامعة النجاح الوطنية( مقرها نابلس)، الى ردود الفعل الخارجية على صور التقطها في السنوات الماضية.
ويجزم أن الصور التي تصل إلى العالم الخارجي لها تأثير مباشر في نقل الهوية الفلسطينية.
ابو دواس يقول، “إن للتصوير مواسم تطفو فيها الهوية الفلسطينية على السطح.إن التقاط صور لحيوانات وزواحف تحمل في اسمها العلمي مصطلح فلسطين، وتسويقه للخارج هو أفضل وسيلة لنقل الهوية الفلسطينية”.
يضيف أبو دواس: “التقاط صور عصفور الشمس الفلسطيني، أو أفعى فلسطين، وإبرازها أمام العالم الخارجي، هو رسالة تساعد على نشر هذه الهوية للخارج”.
يكرر سعيد أبو ليمون، فلسطيني قضى ثلاثين عاما في رصد الطيور، استنتاجا قريبا.
بالنسبة لمصوري الطبيعة في فلسطين، فإن موسم التصوير الفوتوغرافي للطبيعة الفلسطينية لم تصل بعد.
وغالبا ما يكون ذلك خلال فصل الربيع في ذروة نمو النباتات والزهور.
وعلى بعد خطوة من فصل الشتاء، يتفقد المصورون معدات التصوير الخاصة بهم، والتأكد من سلامتها، للانطلاق في وقت قريب إلى عالم الطبيعة في الضفة الغربية.
ويلتقي المصورون للبيئة تحت مسميات غير رسمية، باجتهادات شخصية، لكن أمكن التماس نتائج مبهرة لهواة التصوير في فلسطين.
وبينما يصل فصل الخريف من منتصف عمره الافتراضي، تكون بعض الأمطار قد بدأت بالهطول.
وفي الوقت الذي تكون فيه الأمطار غزيرة، وتتشبع التربة بالمياه، تبدأ الزهور والورود بالنمو، معلنة عن موسم جديد يقضيه هواة التصوير.
وتكون المناطق الغورية والجبلية في الضفة الغربية، أهم المزارات التي يرتادها المصورون لتوثيق الحياة البرية بأنواعها، وأمكن لمجموعات منهم خلال السنوات الماضية من تنفيذ جولات لمئات المصورين في سلاسل الجبال في الضفة الغربية.
على مر السنوات الماضية، خرج بعض المصورين في لقطات لنباتات وزهور مختلفة، فأحمد الحج علي يقول إنه يلتقط كل عام صورة في بلدته الأم جماعين لنبتة تشبه سوسنة فقوعة، وتعطي شكلا مبهرا عندما تزهر.
ويبدو هذا المصور مزهوا بتلك اللقطة.
والمصورون بالعادة يركضون وراء الصورة الأكثر جمالا التي تحتوي تفاصيل صغيرة لكنها جميلة، لعرضها في وسائل التواصل الاجتماعي، أو ربما ليتعدى الأمر ذلك والمشاركة في مسابقات محلية أو دولية.
قال دراغمة، ويعتقد انه أول مصور للطبيعة الفلسطينية بواسطة “الدرون”: “لكل صورة قصة(..)، نحن نقتنص الفرصة لالتقاط صور الطبيعة الفلسطينية”.
“إنها القصة الفلسطينية بكل تفاصيلها، طيور مقيمة، ونباتات وطنية”.
ومثل أكثر المصورين، فإنه يستغل وسائل التواصل الاجتماعي لنقل صورة جميلة عن فلسطين.
بالنسبة لـ أبو دواس، فإن مواقع التواصل الاجتماعي هي الوسيلة الأوفر حظا في نقل الهوية الفلسطينية إلى الساحة الدولية.
في الثلاثين عام الماضية، يقول أبو ليمون أنه رصد ما يقارب ١٧٠ نوعا من الطيور المقيمة والمهاجرة.
وهو يرى أن صورا لغزال الجبل الفلسطيني، وأفعى فلسطين، والكثير من الطيور والزواحف والنباتات، هي جزء من الهوية الوطنية.