
سوسنة، خالــد أبــو علــي
مع أن بعض الدول العربية تحدد موعدا لموسم الصيد والذي عادة ينتهي في شهر كانون الثاني، وهي فترة انطلاق موسم التزاوج والتكاثر، إلا أن عدد كبير من الصيادين يمارسون الصيد قبل افتتاح موسمه.
يخالف هؤلاء الصيادين انظمة الصيد من خلال صيدهم أنواع طيور وحيوانات محمية ممنوع صيدها، أو من خلال تخطيهم لأعداد الطرائد المسموح بصيدها خلال رحلة الصيد الواحدة، او الاصطياد بواسطة الشباك والاشراك والانواع الكاشفة أو غيرها من وسائل الصيد الممنوعة.
يقول د. وليد الباشا الخبير البيئي ومؤسس مركز الباشا للدراسات البيئية ” انا مع الصيد المنظم، لأن الحياة بنيت على التوازن الطبيعي، ولكن الإفراط في ذلك وعدم تنظيمه سيؤدي الى اختلال في التوازن الطبيعي بالاضافة إلى انقراض العديد من الكائنات الحية”.
وتابع” مثلا الصيد والتجارة في الطيور الجارحة مثل العوسق والبوم سيؤدي الى انتشار القوارض بشكل كبير وهذا سيؤدي الى اضرار كبيرة على مستوى الصحة للانسان والمنتج الزراعي”.
ويضيف الباشا ” كذلك التعدي الحاصل على طائر أبو سعد واللقلق الأبيض وهي طيور من المبيدات الحيوية للآفات الزراعية الحشرية والحيوانية سيؤدي الى كوارث كبيرة في المحاصيل الزراعية. ”
ويؤكد الباشا ” نحن لسنا ضد الصيادين المحترفين الذين يحترمون الأنظمة ويلتزمون بالقوانين، لكننا ضد عمليات القتل العشوائي والصيد الجائر وسرقة الأعشاش وتخريبها.
ويدعو الباشا إلى التعلم من تجربة الأردن عندما تم تأسيس الجمعية الملكية لحماية الطبيعة، مشيرا الى ان اهمية اظهار التكامل البيئي وهو ما يؤدي الى رفع الوعي البيئي لدى المواطن بأهمية البيئة والحفاظ عليها.
إن تصوير الحياة البرية من حيوانات وطيور وزواحف وتوثيقها من أجل الحفاظ عليها ورفع الوعي البيئي حولها يحتاج إلى الدقة والمراقبة لاقتناص أفضل الصور للحيوان مع دراسة شامله لبيئة الحيوان قبل التصوير لمعرفة أماكن تواجد الحيوانات ووقت التكاثر.
محمد ابو خليل الشعيبي وهو مصور بيئي من قرية دير غسانة شمال غرب رام الله قال ” أن التصوير بالنسبة له المتنفس الوحيد للتعبير عن مشاعره وطموحاته التي لا حدود لها”.
ويضيف” لذلك أجد نفسي مغرماً بالعدسة التي تعني لي الكثير، كونها الرئة التي أتنفس من خلالها”، مشيراً إلى أن أغلب الصور التي اعتاد على تصويرها، تركز على الحيوانات البرية، والطيور والزواحف.
ويعبر الشعيبي عن حزنه بالقول ” للأسف لا زال صيد الغزلان وطائر الحجل في بعض القرى الفلسطينية وتحديدا هذا الوقت من العام التي تتكاثر فيه الطيور والحيوانات هو الإجرام بعينه.
وأطلق الشعيبي على الصيادين الذين يصطادون الحيوانات في موسم التكاثر” طخيخة المعشرات” مشيرا الى تسجيل أربع جرائم قتل الغزلان خلال أسبوع واحد .
ويؤكد الشعيبي ” إن ابشع هذه الجرائم هو قتل انثى غزال بالرصاص وبعد اكتشاف الصيادين انها حامل تم فتح بطنها واخذ الجنين.
وأشار الشعيبي إلى تلك الصور التي اظهرت اعدام الثعلب الأحمر المسالم، وسرقة اعشاش طائر البوم النسارية، وسرقة صغار الجوارح من الأعشاش من قبل مخربي الطبيعة الفلسطينية.
ويتسائل الشعيبي ” إلى متى سيبقى هذا الحال مع العلم ان هذه المشاهد تستثمر ضدنا في كل المحافل الدولية وخاصة المهتمة بالبيئة والحيوان ؟ ومن المسؤول عن ضبط هذه الأمور وتنفيذ القوانين الصارمة بحق هؤلاء الصيادين القتلة”.
وقال انه على الجهات المعنية من سلطة جودة البيئة الفلسطينية و الشرطة البيئية وكل الجهات المختصة تحمل كامل المسؤولية عن هذه الجرائم التي ترتكب بحق البيئة والطبيعه ومتابعة ومحاسبة الجناة وفرض عقوبات رادعة بحقهم .
والشعيبي هو صاحب مبادرة بعنوان ” اتركوها بسلام ولا للصيد الجائر ” والتي تدعو الى عدم قطف الأزهار وعدم القاء النفايات في المتنزهات والمحميات الطبيعية، والحفاظ على الحياة البرية.
يعتبر الشعيبي، أن جمال الطيور والحيوانات والأزهار هو فقط في مكانها الطبيعي .
ودعا الشعيبي المواطنين إلى التعاون مع كافة الجهات المختصة للتقيد في قرارات منع الصيد للمساهمة في الحفاظ على ثروات الوطن الطبيعية من حيوانات برية وطيور وحماية الموروث الطبيعي .
غير أن الباحث البيئي في مجال التنوع الحيوي والحياة البرية عماد الأطرش المدير التنفيذي لجمعية الحياة البرية التي تتخذ من بيت ساحور مقراً لها قال ” إن عمليات الصيد الجائر التي تنفذ في مناطق الضفة الغربية تؤثر على التنوع الحيوي”.
وقال ان هناك العديد من الأمثلة على التأثير المباشر على النباتات البرية أو الأشجار المثمرة من خلال الصيد الجائر للطيور، فمثلاً القضاء على البومة وتقليل أعدادها في الطبيعة يمكن للقوارض أن تطغى على الموقع، وبالتالي قد تتسبب هذه القوارض بانتشار الأمراض في الطبيعة ومن ثم الانتقال للإنسان بشكل مباشر.
لكن الأطرش يستدرك ويقول ” لا نستطيع أن نقول في معظم الوقت أن هناك انقراضاً مباشراً لبعض أصناف الحيوانات بل نقول” الاختفاء من الطبيعة” خاصة إذا كانت فترات اختفائها قريبة خاصة.
واوضح ان معظم الأصناف الموجودة في فلسطين هي موجودة أصلاً في منطقة الشرق الأوسط أو حفرة الانهدام بشكل عام، حيث أنه لا توجد أصناف منتمية لفلسطين فقط بل لمنطقتها “.
وشدد الأطرش ” الصيد في الوقت الحاضر يجب أن يمنع على الإطلاق، لأنه لا توجد إحصائية رسمية بالأنواع وعددها ومواقع صيدها، وما هو تأثير الأسمدة والمبيدات الكيماوية عليها”.
وأشار إلى أنه على الأقل ولمدة الخمس سنوات القادمة يجب التوقف فوراً عن جميع أشكال الصيد لأنه يجب إجراء المسح العلمي والميداني لمعرفة هذه المعلومات وتدوينها ومتابعتها وكذلك متابعة قوانين الصيد وحمل سلاح الخاص بالصيد.
وقال” وقد نأخذ مثالاً على ذلك التجاوب الحقيقي من بعض الصيادين في محافظتي بيت لحم وأريحا الذين يتعاملون مع دائرة الأبحاث الميدانية ضمن ما تقوم به جمعية الحياة البرية في فلسطين في الوقت الحاضر لوقف الصيد الجائر، حيث تم تشكيل نادي هواة الصيد ووضع قوانين خاصة به بهدف تعميمه على مستوى الوطن. “
و قال” نحن مع الصيد ولكن ليس الصيد الجائر بل الصيد المنظم، نحن مع هواية ورياضة الصيد ولسنا ضدها، لكن حسب الأصول والأعراف، نحن مع الصيد ولكن في مواسمه والأنواع المسموح بها وليست قليلة العدد”.
وتقول جمعية الحياة البرية “حسب مصادرها البحثية ” بأنه يوجد في فلسطين ما يقارب 550 نوعاً من الطيور تنتمي لنحو 206 جنساً وما يزيد على 65 عائلة ونحو 21 رتبة، وكذلك بالنسبة للحيوانات البرية فهي غير معروفة الأعداد بل هناك تكهناً بعددها، لأنه لا توجد دراسات علمية لها في الوقت الحاضر أو في الأوقات السابقة ولكن تتوقع الجمعية بأن أعداد هذه الحيوانات لا يزيد عن 70 صنفاً برياً ومعظم الأصناف التي تكبر الأرنب في حجمها هي مهددة.
خالد أبو علي، هو باحث وناشط بيئي فلسطيني يقيم بين مدينتي رام الله وجنين، ويعتبر أيضا خبيرا في التخطيط الاستراتيجي والطاقة الخضراء وله إسهامات متعددة في تنظيم النشاطات الخضراء.