
خاص”سوسنة”
يطغى لون القش المتيبس الأصفر المائل إلى الذهبي الجبال والسهول في الأغوار الشمالية شرق الضفة الغربية، بعد موسم أخضر قصير جدا، بسبب تدني مستوى هطول الأمطار في فلسطين هذا العام.
وحسب الإحصاءات الرسمية الصادرة عن دائرة زراعة الأغوار الشمالية، فإن الموسم المطري الحالي هو الأضعف منذ عام 2017.
لقد أدت هذه الكميات غير الكافية من الأمطار فعليا الى خلل واضح في التوازن البيئي في اكثر المناطق انخفاضا عن سطح الأرض بسبب ضعف الموسم المطري.
والأغوار الشمالية، وهي امتداد جغرافي منخفض حار صيفا معتدل شتاء شرقي الضفة الغربية، من أكثر مناطق فلسطين تميزا بالغطاء النباتي الأخضر خلال فصلي الشتاء والربيع.
لكن في موسم مطري ضعيف مثل الحالي، فإن خللا واضحا ظهرعلى الغطاء النباتي في هذه المنطقة، حسب المدير التنفيذي لجمعية الحياة البرية عماد الأطرش.
وعلى المستويين الفردي والجماعي، يدور حديث بنبرة غير متفائلة بين المواطنين والوافدين إلى المنطقة، بسبب الاضطراب الواضح في الغطاء الأخضر في السهول والجبال المترامية في الأغوار الشمالية.
يقول الأطرش: “أن يغيب المظهر الأخضر ع جبال الأغوار في مثل هذه الوقت من العام، ليس أمرا طبيعيا”.
وحتى الرابع عشر من شهر نيسان كانت نسبة هطول الأمطار حسب إحصاءات دائرة الأرصاد الجوية تقارب 58% من الكمية الإجمالية ، حيث هطلت 249.5 ملم من أصل 431 ملم.
لكن الأرقام تظهر على أرض الواقع بصورة أكثر سوداوية في الأغوار الشمالية.
وبحسب دائرة زراعة الأغوار، تشير الأرقام أن كمية الأمطار التي تم رصدها حتى هذه تاريخ 23-3- 2025، لم تتجاوز 170 ملم في الأغوار الشمالية.
وهذا الرقم مقارنة مع أفضل قراءة سجلت العام الماضي 370 ملم لا تتعدى نصف الكمية، وهو ما يدل على تدني المستوى المطري بشكل عام.
وبحسب السجل المؤرشف لدى الدائرة لرصد كميات الأمطار التي هطلت في المنطقة، والذي بدأ منذ عام 2017، فإن الموسم الحالي هو الأضعف مطريا.
وتدني مستوى الأمطار بشكل عام في المنطقة يحدث صدعا كبيرا على الصعيدين الحيوي والنباتي معا، كون العلاقة بينهما تكاملية.
ويمكن التماس ذلك الخلل في عدة مظاهر في الغطاء النباتي الذي يكسو الأغوار من حيث ارتفاع النباتات وفترة أزهارها وعدد أيام دورة حياتها.
يقول الأطرش: “تدني مستوى الأمطار والجفاف، يعملان على تقزم النباتات خاصة الرعوية، مثل الخبيزة، والحِمحِم “.
وتكون النباتات في هذه الحالة أقرب للأرض، بسبب نموها الطولي الذي يكون غير طبيعي خاصة في مرحلة النضج.
والتقزم الذي بات واضحا على معظم النباتات في الأغوار الشمالية هذا الموسم، يقود بشكل أساسي إلى تبكير في نضج البذور.
في هذه الحالة تكون البذرة جينيا غير طبيعية، وهذا يؤدي إلى عدم اكتمال النمو، أو العقم.
“الموسم الحالي دخل النباتات جزئيا في مرحلة التهديد” او ما يطلق عليه التقزم”. قال الأطرش.
لكن ذاته الأطرش، قال إن هذه النباتات لم تدخل فعليا التهديد المباشر بالانقراض، إلا أن تدني مستوى الأمطار جعلتها جزئيا مهددة بالانقراض.
وفي علم الطبيعة يطلق عليها نباتات “قريب للتهديد”.
تلعب الطبيعة في الأغوار الشمالية خدعة كون بعض نباتات الرعي تنتمي إلى نظام البحر المتوسط البيئي، ذات المطر العالي.
وبطريقة ما، وصلت هذه البذور إلى مناطق جافة مثل الأغوار الشمالية، وأصبح طول عمر هذه النباتات مرهونا بوفرة مياه الأمطار.
إلا أن تذبذب سقوط الأمطار وقلتها، جفت هذه النباتات مبكرا.
ومع انتشار أنواع كثيرة من النباتات الرعوية في الأغوار الشمالية، أصبحت فرصة توفير الطعام لعدد كبير من الحيوانات في المنطقة كبيرة.
في شريط جغرافي يراه المختصون واحدا من المناطق التي تحوي على نظام بيئي متكامل، فإن لتدني مستوى الأمطار والجفاف الذي أصابها الموسم الحالي، ارتدادات سلبية على ذلك النظام البيئي.
قال الأطرش : “يصبح الخلل واضحا في النظام البيئي باختلال كمية الأمطار”.
في مادة تعريفية عن التنوّع الحيوي في فلسطين، نشر على مركز المعلومات الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة، فيقدر عدد الأنواع الحيوانية حوالي 30,904 أنواع؛ منها 30,000 نوع من اللافقاريات، و373 من الطيور، و 297 من الأسماك، و92 من الثدييات، و82 من الزواحف، و5 من البرمائيات.