سوسنة
مشهد عام:
الفضاء فوق حوض نهر الأردن، هو المكان الأكثر تميزا لمشاهدة مزيج فسيفسائي من الطيور المحلية والمهاجرة، والتي تنجذب إلي بعض المناطق الرطبة للتزود بالماء والطعام.
ويمكن وصف فلسطين، بأنها عنق زجاجة تمر عبرها واحدة من أكثر هجرات الطيور الكبرى فوق العام، ومنها تعبر طيور مثل البجع واللقلق الأبيض التي يمكن مشاهدتها بسهولة في السهول وعبر الاودية.
بشكل عام يهاجر واحد من كل خمس أنواع من المخلوقات الريشية في العالم عبر رحل مثيرة لفتت نظر الإنسان عبر التاريخ، ولا يمكن اعتبار الهجرتين الخريفية والربيعية عبورا بأجواء فلسطين إلا رحلات ملحمية يمكن مشاهدتها مباشرة وبوضوح سنويا مرتين.
بعض الأرقام:
هناك أكثر بقليل من 11 الف نوعا من الطيور المسجلة عالميا، بمجموع يقدر بـ 50 مليار طائر وهي ارقام الى حد ما اتفق عليها عدد من المواقع المختصة بعلم الطيور، ورغم أن الرقم قد يمتد ويتضاعف لكن هذا العدد المذكور يبقى الأكثر رسوخا في المنشورات العلمية.
وعندما يكون هذا الرقم مرجعا يعتمد عليه للقياس، فإن ذلك يعني أن 1% من المجموع أي (500 مليون طائر) وما يقرب من 550 نوعا (5% من أنواع الطيور عالميا) تحلق سنويا فوق فلسطين مرتين في السنة، الأولى خلال الهجرة الخريفية، والثانية خلال الهجرة الربيعية.
وعند المقارنة بين فلسطين وبين قارة اخرى، فإن قارة أمريكا الشمالية التي تبلغ مساحتها ألف ضعف مساحة فلسطين مثلا، يمر عبر سمائها عددا من الطيور لا يتجاوز ضعف عدد الطيور التي تمر عبر سماء فلسطين.
فلسطين ممر مزدحم:
تتمتع فلسطين بموقع جغرافي وسيط يربط بين القارات الثلاث الكبرى في أفريقيا وأوروبا وآسيا، لذلك هي ليست رابطا جغرافيا ارضا بين الدول، انما ايضا رابطا لعبور الطيور.
ويسمى هذا المسار بعبور عنق الزجاجة، فضيق المساحة التي تتحرك ضمنها الطيور المهاجرة جعل من مسارب الطيران مزدحمة للغاية.
المقارنة بين مساحة فلسطين وأعداد الطيور المهاجرة التي تطير فوقها، يظهر حجم الازدحام في السماء، فذلك العدد من الطيور يسجل مليار رحلة سنوية في رحلتي الاياب والذهاب، ويجذب هذا المشهد مراقبي الطيور سنويًا خلال فترتي الهجرة.
وهذا العدد الكبير من مئات الملايين من الطيور التي تمر فوق فلسطين، تمنحها وضعا فريدا على مستوى العالم، وهذا أصبح خلال السنوات القليلة الماضية يجذب مصوري الحياة البرية، ليس فقط من فلسطين انما من الخارج الذين يصلون الى بعض محافظات الضفة الغربية لرصد تلك الهجرات.
في كل عام تهبط أسراب من طيور البجع الأبيض الكبير المهاجرة في المناطق الرطبة من الاراضي الفلسطينية وهي احدى محطاتها على طريق الهجرة نحو الجنوب.
غالبا ما يقدر عدد طيور البجع بعشرات الآلاف ن50 ألف و تبدأ بالتوافد إلى المنطقة في الفترة الزمنية الواقعة بين أغسطس/آب إلى نوفمبر/تشرين الثاني في طريقها الى افريقيا مرورا بصحراء سيناء ونهر النيل.
في السنوات الماضية وصلت طيور البجع الى عمق الضفة الغربية، وحط الآلاف منها في مرج صانور وهو سهل زراعي يفيض بالمياه بعد سقوط كميات وافرة من الأمطار.
من الطيور المميزة الاخرى التي تمر عبر سماء فلسطين، طائر الكركي التي قد يصل عددها الى نحو 100 الف أثناء عبورها السماء الفلسطينية.
بدون ان يخصص الفلسطيني او الزائر وقتا ومكانا محددين لاستقبال ظاهرة الطيور المهاجرة، فإنه يستطيع مشاهدتها صدفة تحلق فوق منزله او عبر السهول والاودية، وغالبا ما يكون أفضل لمشاهدة أسراب الطيور وقت هو الصباح الباكر.
التوقيت:
خلال الهجرتين الخريفية والربعيه تشق الـ نحو 500 مليون طائر طريقها من أوروبا إلى إفريقيا وآسيا والعودة مرة أخرى في الربيع الى الشمال.
تنتهي هجرة الخريف مع حلول شهر كانون الاول/ ديسمبر وتتحقق الذروة في الفترة بين منتصف أغسطس/آب إلى منتصف نوفمبر/ تشرين ثاني، وتصل ذروة هجرة الربيع من بداية مارس/ آذار وحتى منتصف مايو/ أيار، ويمكن القول إن الهجرة عبر سماء فلسطين لا تنقطع طيلة أشهر السنة.
مسافة الرحلة:
يمكن أن تقطع الطيور المهاجرة مسافات تصل إلى 16,000 ميل (25,000 كيلومتر)، وأحيانًا أكثر! وتعتمد خلال رحلاتها الطويلة تلك على النجوم والشمس والمغناطيسية الأرضية لتوجيهها، وتعود دائمًا تقريبا إلى أماكن انطلاقها، وهي ظاهرة طالما وصفت بالمذهلة.