اعداد: اسراء صبح
مشهد عام
تأثر البحر الميت بعدة عوامل أدت إلى انخفاضات متتالية في منسوب المياه منذ خمسينات القرن الماضي، ولم يعد كما كان في السابق عبارة عن مسطح مائي مترابط، واصبح في الوقت الحاضر عبارة على حوضين شمالي وجنوبي يحتوي على برك التبخير لاستخراج المعادن .
تبلغ ملوحة مياه البحر الميت حوالي 340 جم / لتر أي حوالي 9 أضعاف ملوحة مياه المحيط، وفي سبعينيات القرن العشرين، انخفض منسوب البحيرة بمعدل 0.5 متر/سنة، وفي العقد الماضي وصل معدل الانخفاض إلى 1.1 متر/سنة.
مع تراجع البحر الميت إلى الخلف، يترك هذا المسطح المائي الاكثر ملوحة على سطح الأرض مشهدا قاحلا فوق طبقة من الكتل المالحة، ومع تسرب المياه العذبة من أمطار الشتاء عبر الجبال إلى محيط ” الميت” تذوب تل الكتل المالحة الجوفية، وهو ما أدى إلى حدوث ما بين 6000-8000 حفرة بزيادة سنوية تقدر بنحو 400 حفرة.
في العادة تبدو المنطقة تحفل بمشهد استثنائي على مستوى الكرة الارضية، لكن الاقتراب من هذا المشهد يكشف عن الصورة المظلمة التي تظهر في المناطق الجافة التي كان يغطيها في يوم من الايام جزء من البحر الميت الذي يتراجع الى الخلف.
ما هي هذه الحفر؟
يشكل تكون هذه الحفر انعكاسا عمليا لعبارة “قاع العالم يزداد عمقا”، فعندما تظهر تجاويف أو انخفاضات أرضية دائرية أو شبه دائرية تتشكل نتيجة انهيار الأرض بسبب ذوبان الصخور تحت السطح، وخصوصًا الصخور القابلة للذوبان مثل الملح تصبح المنطقة أكثر انخفاضا عن سطح البحر مقارنة بالمعروف عالميا.
وتعتبر الحفر ظاهرة جيومورفولوجية خطيرة تؤثر على البيئة والبنية التحتية، فهي ليست مدمرة فقط لكنها ايضا مفاجئة.( الجيومورفولوجيا : هو علم دارسة شكل الارض الذي يهتم بدارسة الظواهر الطبيعية الموجودة على ظهر الأرض من ظواهر وإنشاءات خاصة طبيعية نشأت الأرض بها).
أنواع الحفر:
- الحفر الانهيارية:
تحدث فجأة نتيجة انهيار السطح بسبب ذوبان الطبقات الملحية أو الصخور تحت الأرض.
- الحفر الترسيبية:
تتكون تدريجيًا عندما تنخفض الأرض ببطء بسبب عمليات ذوبان متواصلة تحت السطح.
- الحفر المركبة:
تجمع بين خصائص الحفر الانهيارية والترسيبية، حيث تبدأ ببطء ثم تنهار بشكل مفاجئ.
أعداد الحفر وأماكن حدوثها:
- منذ الثمانينيات، تم تسجيل أكثر من 7000 حفرة على طول سواحل البحر الميت،
مع زيادة واضحة في العقدين الأخيرين.
- تتركز الحفر بشكل رئيسي على الشاطئ الغربي للبحر الميت، خصوصًا في الشريط الممتد بين الطريق الرئيسي (طريق 90) والساحل.
- تظهر الحفر أيضًا على الشواطئ الشمالية الشرقية ولكن بشكل أقل كثافة مقارنة بالشواطئ الغربية.
- بعض تلك الحفر اضافة الى تدمير الكثير منها للبنية التحتية والأماكن السياحية، خلفت وراءها مآسي إنسانية عندما ابتلعت بعض الأشخاص في تلك المناطق.
الأسباب الرئيسية لتشكل الحفر:
- انخفاض مستوى البحر الميت:
انخفض مستوى البحر بمعدل 1 نحو متر سنويًا في العقود الأخيرة بسبب تحويل مياه نهر الأردن للاستخدامات الزراعية والصناعية وبسبب الجفاف و تأثيرات التغير المناخي.
أدى هذا الانخفاض إلى كشف طبقات ملحية تحت السطح، ما زاد من ذوبانها بفعل المياه الجوفية.
- ذوبان الملح:
المياه الجوفية العذبة التي تتسرب إلى الطبقات الملحية غير المشبعة تؤدي إلى ذوبان هذه الطبقات، ما يسبب تشكل فجوات كبيرة تحت الأرض.
- التصدعات التكتونية:
وجود صدوع تكتونية يسهل تدفق المياه الجوفية إلى الصخور القابلة للذوبان، مما يزيد من احتمالية حدوث الحفر.
تأثير تكون الحفر:
- الآثار البيئية:
تدمير المشهد الطبيعية وتغيير أنماط تدفق المياه السطحية والجوفية.
- الآثار الاقتصادية:
إلحاق أضرار بالبنية التحتية مثل الطرق والمباني، وإغلاق المنشآت السياحية.
على سبيل المثال، تم إغلاق منتجع “مينيرال بيتش” الشهير بسبب انهيارات الحفر.
- الآثار على الحياة البشرية:
سجلت حوادث سقوط أشخاص في الحفر، ما يبرز خطورتها على الأرواح.
- الآثار الجيومورفولوجية:
معدل الهبوط السنوي للأرض في المناطق المتضررة يصل إلى 45 سم، ما يشير إلى سرعة التغيرات في المنطقة.
حقائق وأرقام:
- بلغ عدد الحفر حسب دراسات متوافقة نحو 8000 حفرة.
- الكثافة في بعض المناطق تصل إلى 488 حفرة لكل كيلومتر مربع.
- مساحة الأراضي المتأثرة بالحفر زادت بنسبة 4% بين عامي 2018 و2021.