
سوسنة
تعاني الموارد المائية في قطاع غزة من أزمة بيئية قبل بداية الحرب الإسرائيلية الأخيرة.
لكن هذه الحرب أدت إلى تفاقم الوضع بعد انهيار نظام معالجة مياه الصرف الصحي، ما أدى إلى تسريع حدوث التلوث في طبقة المياه الجوفية الأساسية.
ويعاني قطاع غزة من ندرة مياه شديدة، وهو ما أجبر المجتمعات المحلية في غزة إلى البحث و اللجـوء إلـى إمدادات مياه الشـرب غيـر المأمونة، بمـا فـي ذلـك الميـاه المالحـة والميـاه الملوثـة من الآبار، أو إلـى جمـع الميـاه فـي صفائـح ومن أسـطح المنازل أثناء هطـول الأمطـار أو مـن الأنابيـب العموديـة، وتكليـف الأطفال جلـب الميـاه لتلبية الاحتياجات الأساسية.
وعشية اليوم العالمي للمياه، فإنه من المتوقّع أن يُركّز شعار اليوم العالمي للمياه 2025 على توسيع نطاق الوعي والتعاون الدولي للحدّ من التلوث المائي، وضمان وصول كل فرد إلى مياه شرب نظيفة.
ويأتي الهدف من إحياء اليوم العالمي للمياه متماشيًا مع الأجندة الأممية التي تسعى إلى توفير المياه النظيفة للجميع بحلول عام 2030.
وحسب بيان لسلطة جودة البيئة الفلسطينية، فإن المياه التي يتم توفيرها من خلال الأنظمة البلدية والصهاريج الخاصة لم تتم معالجتها أو فحصها مما ترك السكان عرضة للتلوث.
وحسب البيان فان الاضرار البيئية في قطاع المياه الناجمة، طالت البنية التحتية لشبكات المياه أضرار جسيمة منذ بداية حرب عام 2023 على غزة، حيث تم تدمير أكثر من 80% من شبكات المياه، فيما تعطلت المحطات الرئيسية للضخ.
وفي مدينة غزة وحدها دمر الاحتلال الإسرائيلي نحو 120 ألف متر طولي من شبكات المياه بأقطار مختلفة في كافة مناطق المدينة، وكذلك 480 محبسا بأحجام مختلفة في المناطق التي توغل فيها، اضافة الى تدمير البنية التحتية ومختلف المنشآت المدنية فيها.
وصلت حصة الشخص الواحد من المياه المتاحة إلى 3 لترات في اليوم كحد أقصى، وهي أقل بكثير من الحد الأدنى الموصى به من منظمة الصحة العالمية في حالات الطوارئ الإنسانية والبالغ 15 لتراً للشخص الواحد في اليوم.
وفي سياق متصل، أوقفت شركة “ميكوروت” الإسرائيلية إمدادات المياه عن شمال غزة، حيث تم تدمير 70% من الخطوط الرئيسية المزودة من الشركة ذاتها.
وتعمل خطوط الأنابيب التي تخدم وسط غزة وجنوبها بشكل متقطع منذ 20 تشرين الثاني 2023.
وتقدر نسبة آبار المياه الجوفية العاملة بحوالي 17 % فقط من مجموع الآبار التي يبلغ عددها 284 بئراً، وتعمل لساعات محدودة.
وقد تم تدمير حوالي 162 بئراً كليا او جزئيا، وتعرض 93 بئراً لأضرار متوسطة إلى شديدة إضافة لتدمير 9 خزانات للمياه باحجام مختلفة بشكل كلي او جزئي.
وشملت الآبار التي دمرها الاحتلال آبار محلية وابار مركزية منها أبار الصفا في شمال شرق مدينة غزة والتي تغذي المدينة بنحو 20 % من احتياجاتها اليومية، بالإضافة إلى آبار في مختلف مناطق المدينة.
و تبلغ كميات المياه المتاحة عن طريق الآبار البلدية حاليًا 21,200 متر مكعب في اليوم، وهو ما يمثل عُشر طاقتها الإنتاجية قبل الحرب، والتي كانت تصل إلى 255,000 متر مكعب في اليوم.
ومن المعروف أن المياه المستخرجة من هذه الآبار تتسم بتدني جودتها بالنظر إلى أنها مياه مالحة، في حين كانت المياه المنقولة عبر الخطوط التي تشغلها إسرائيل توفر إمدادات مياه الشرب الأكثر أمانا قبل اندلاع الأعمال الحربية.
وفي الوقت الراهن، لا يعمل سوى خط واحد من الخطوط الإسرائيلية الثلاثة ” نقطة بني سعيد ” الذي يورد 22,000 متر مكعب في اليوم، وهي إمدادات تقل عن نصف ما كان يمكن أن يكون متاحًا من المياه لو كانت جميع الخطوط في طور العمل.
واشار احد الابحاث من خلال مؤسسة أصدقاء الأرض – فلسطين وجامعة نيوكاسل البريطانية ان 47% من الآبار الجوفية و 65% من الخزانات تم تدميرها.
وأصبحت محطات تحلية المياه الثلاث في غزة إما خارج الخدمة وإما تعمل بشكل محدود للغاية بسبب نقص الكهرباء والوقود.
وكان العمل قد استؤنف في اثنتين من هذه المحطات في 19 تشرين الثاني 2023 بعد وصول كمية محدودة من الوقود إلى غزة.
ولا تتجاوز كميات المياه المتاحة عن طريق محطات التحلية القصيرة الأمد حاليًا 1,600 م3 في اليوم، وهو ما يمثل 7 بالمائة فقط بالمقارنة مع طاقتها الإنتاجية الأصلية والتي كانت تبلغ 22,000 م3 في اليوم قبل اندلاع الأزمة.
ومن المتوقع أن يتضاعف حجم التلوث في المياه الجوفية نتيجة تدمير شبكات الصرف الصحي ومحطات معالجة المياه العادمة، أو بسبب توقفها عن العمل، الأمر الذي يسمح بتسرب المياه العادمة إلى الخزان الجوفي.
ومن المخاطر البيئية المستقبلية على الخزان المائي الجوفي التلوث البيئي الناتج عن المقذوفات والمواد الكيماوية الخطيرة المختلفة التي تم استخدامها والتي انتشرت في الهواء وتراكمت على سطح الأرض واختلطت بالتربة، خصوصا بعد أن بدأت الأمطار بالسقوط مما يعني أن هذه المواد بدأت بالتسرب إلى الخزان الجوفي.