سوسنة، اسراء صبح
لا يواجه البحر الأبيض المتوسط ارتفاعًا واضحًا في درجات الحرارة، وانما أيضًا انخفاضًا في نسبة هطول الأمطار، ويعزى ذلك إلى تأثره بشكل مباشر بالتغير المناخي.
ومن المتوقع أن يظهر هطول الأمطار السنوي في منطقة البحر الأبيض المتوسط انخفاضا بنحو 4٪ لكل زيادة في درجة الحرارة العالمية.
في شرق البحر الأبيض المتوسط، أظهرت بيانات متطابقة لعدة دراسات ارتفاعا في درجات الحرارة الدنيا بمعدل درجة مئوية لكل عقد بين عامي 1988 و 2017، وهذه التغيرات تؤثر بشكل خاص على صحة الإنسان والنظم البيئية، وتساهم في زيادة الإجهاد الحراري.
يشير تقرير خاص عن المخاطر المناخية والبيئية الساحلية في البحر الأبيض المتوسط، والذي صدر عن شبكة خبراء البحر المتوسط للتغير المناخي والبيئة (MedECC)، إلى أن منطقة البحر المتوسط تشهد مخاطر متزايدة بفعل التغير المناخي، ما يجعلها من أكثر المناطق استجابة لهذه الظاهرة عالميا.
وهذا ما يهدد الأنظمة البيئية للساحل المتوسط، إلى جانب قطاعات اقتصادية رئيسية تشمل السياحة الصيفية، والزراعة، وتربية الأحياء المائية، وصيد الأسماك، وفقا للتقرير.
وأكد خبراء دوليين أن الجهود الحالية لمعالجة المشاكل البيئية والتكيف مع التغير المناخي لا تزال غير كافية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة التي وضعتها الأمم المتحدة لضمان رفاهية الإنسان واستدامة الموارد.
يشير التقرير إلى أن المناطق الساحلية في البحر المتوسط تعاني من تأثيرات متعددة تشمل التلوث، العمليات البيولوجية، والتغيرات الاجتماعية والاقتصادية.
ويتوقع الخبراء أن يزداد عدد سكان المناطق الساحلية بمعدل أسرع من سكان المناطق الداخلية، خاصة في بلدان الشرق الأوسط والمغرب العربي، ما يؤدي إلى تعرّض المزيد من الأشخاص والممتلكات للمخاطر الساحلية.
ويبرز التقرير ارتفاع درجات حرارة الهواء وزيادة تكرار وحدّة الظواهر المناخية الحادة، مثل موجات الحر وارتفاع مستوى سطح البحر، مما يؤدي إلى تفاقم خطر الفيضانات والتآكل الساحلي.
وأشار علماء في البحر المتوسط إلى أن ارتفاع مستويات البحر يهدد البنية التحتية الحيوية، بما في ذلك المطارات والموانئ والمواقع التراثية، في ظل تدابير الحماية الحالية التي وصفوها بأنها “غير كافية”.
من جهة أخرى، حذر التقرير من تفاقم مشكلة شح المياه في المنطقة نتيجة الجفاف المتزايد وملوحة المياه الجوفية، إلى جانب تزايد الطلب على المياه من السكان، والقطاع الزراعي، والسياحة.
وعن التلوث، يشير التقرير إلى أن الأنشطة البشرية مثل الصناعة، الزراعة، والتوسع الحضري، تسببت في ارتفاع مستويات التلوث بالمناطق الساحلية، ما أثر سلبًا على الأنظمة البيئية وصحة الإنسان وقطاعات اقتصادية مثل الصيد والسياحة.
كما أكد الخبراء أن التلوث بمصادره المختلفة، بما في ذلك البلاستيك والمعادن والملوثات العضوية، يمكن الحد منه بشكل فعال إذا ما تم تبني سياسات وقائية صارمة.
وشدد التقرير على أهمية تعزيز التعاون بين العلماء وصناع القرار والمجتمعات المحلية لتجاوز العوائق التي تعيق تنفيذ تدابير التخفيف من المخاطر.
وخلص التقرير إلى أن الإجراءات الفعالة تتطلب تحولاً جذريًا في كافة القطاعات وعلى جميع المستويات لتحقيق تنمية مستدامة قادرة على مواجهة تحديات التغير المناخي.
ورغم هذه التحديات، أعرب الخبراء عن تفاؤلهم بإمكانية تحقيق تقدم من خلال تبني مزيج من السياسات القانونية والاقتصادية وآليات التعاون المحلي والإقليمي.