سوسنة
فصل جيش الاحتلال الاسرائيلي الجزء الشرقي من الضفة الغربية، منذ أكثر عام، وخلف الحواجز العسكرية في المنطقة المنحدرة الهابطة تقع واحدة من أكثر مناطق التنوع الحيوي تميزا في الضفة الغربية.
في السنوات الماضية، انتشر الفلسطينيون على مسارات حددت عام بعد عام، وهي ما أصبحت تعرف بالمسارات السياحية، التي كانت نقطة انطلاقها مراكز المدن وتنتهي في مكان معشب وكثير الزهور وقليل السكان ومفتوح الى حد ما في الشرق.
وتراجعت حركة السياحة البيئية في الضفة الغربية، مع انتشار الحواجز التي عزلت أجزاء كبيرة من الضفة الغربية عن بعضها البعض، فضلا عن انتشار مجموعات المستوطنين على جنبات الطرق، منذ بدء الحرب على قطاع غزة قبل أكثر من عام، وهو ما شكل عائقا حقيقيا أمام تنقل المجموعات الشبابية في التحرك.
وبهذه الاجراءات أصبحت حركة التنقل بين مدن الضفة الغربية، والوصول إلى الأماكن السياحية مرهونا بتوفر الأمن على الطرقات، وسهولة العبور عبر الحواجز والبوابات العسكرية.
وصلت مستويات السياحة البيئية في السنوات الماضية إلى ذروتها في فصول الربيع، وهو ما دفع بروز ظاهرة المشائين الذين ينتقلون عبر القرى والبلدات والاغوار في مهمة التعرف على الجغرافيا وتوثيق تفاصيلها والاستمتاع بهدوئها.
ويعتبر مصطلح السياحة البيئية من التعريفات الجديدة التي ظهرت خلال الثمانينات، ويعبر عن النشاط السياحي الصديق للبيئة.
في العقد الماضي، تبلورت فكرة السياحة البيئية المنظمة جيدا في الضفة الغربية، من خلال مجموعات بعضها يحمل أسماء تعمل على تنظيم مسارات سياحية لأماكن طبيعية وأثرية في فلسطين وبعضها نشط بشكل فعال على مواقع التواصل الاجتماعي.
ولوحظ في السنوات الماضية ظهور عدد من المصورين البيئين الهواة في مسارات سياحية في مناطق مختلفة من الضفة الغربية.
“كنا نخرج كل أسبوع مسارين، أحدهما في الضفة الغربية والآخر في فلسطين التاريخية(..)، الأمر يستحق كل هذا الجهد” قال محمد أبو هشهش.
وأضاف أبو هشهش، وهو شاب درس علم السياحة والإرشاد، ويعمل كدليل سياحي في مناطق الضفة الغربية، وفي مناطق عام ٤٨: إن مسارات السياحة البيئة عبر المناطق الطبيعية، أربعة أنواع: ترفيهي، واستكشاف، ومغامرات، واجتماعي.
وبعض المسارات كانت تقطع الجبال والسهول لكن بعضها كان يتجه نحو أطراف الصحراء والمنحدرات، وهو يشير بذلك الى المناطق الواقعة في برية القدس شرق بيت لحم.
“إنها مسارات خطيرة نسبيا وصعبة”. قال أبو هشهش.
وبشكل مغاير تماما، فإن المسارات الترفيهية التي يتزامن وجودها مع وجود المواسم السنوية مثل فصل الربيع، هي الأسهل.
وثق في فلسطين نحو 29 مسارا سياحيا وهو رقم غير قطعي، شارك فيها آلاف المشاركين سنويا. و السياحة ليست للترفيه فقط(..)، إنها تربة خصبة للتوثيق أيضا.
بالنسبة لـ د. بنان الشيخ، وهو أحد المهتمين بالتنوع البيئي في فلسطين، فإن السياحة البيئية ظرف جيد للتوثيق، والاستكشاف.
وهذا الباحث المهتم بالجانب النباتي في البيئة استطاع كما يقول عام 2021 توثيق سوسنة الشفا في وادي ابو الفيران بالأغوار الشمالية.
احيانا يسير المنخرطون في المسارات السياحية على هيئات متقاربة، يضعون القبعات فوق رؤوسهم او يلبسون الكوفيات، ويحملون الحقائب على ظهورهم، وآلات التصوير يرافقهم مرشد سياحي على اطلاع بطبيعة المنطقة وتنوعها البيئي.
لذلك استطاع هواة التصوير، والموثقون بالخروج من تلك المسارات السياحية بنتائج مبهرة على المستوى المحلي والإقليمي، وهو ما يخفي خلفه خطرا يحيط به من كافة الجهات هذه الأيام.
فرواد السياحة البيئية في فلسطين والمهتمون، ينظرون بعين القلق تجاه هذا الصنف من السياحة. وعلى أقل تقدير، تدهورت الأمور منذ عام بشكل متسارع، بعد اتساع في مستوى الإجراءات الإسرائيلية وهجمات المستوطنين في على الطرق، والحواجز العسكرية.
قال أبو هشهش: “توقفنا عن تتظيم المسارات السياحية بشكل كامل”.
مصورون وموثقون مهتمون بالمجال البيئي يكررون الكلام ذاته.
كان وادي ابو الفيران وعين الساكوت في الأغوار الشمالية، مكانان ملهمان لرواد السياحة في فلسطين، لكن منذ عام ونيف، انقطعت قدم السياح إلى تلك المناطق، كما أخبر مواطنون يسكنون قريبون منهما، بسبب إجراءات الاحتلال، وانتهاكات المستوطنين.
في محيط تلك المناطق، أصبحت حركة الفلسطينيين بشكل عام ممنوعة، بعد اغلاق المنطقة. وتشتهر سلسلة الهضاب في المنطقة بتنوع ظهور الحيوانات البرية مثل الغزلان وطيور الحجل وحيوانات برية نادرا ما يتم مشاهدتها نهارا مثل الضباع.
يصبح المكان الذي يجمع مئات الأشخاص من كل المدن، بيئة خصبة لتشكيل نسيج اجتماعي متين، وتصبح القصص التي يرويها المجتمعون عن بلدانهم وقراهم، أحاديثهم فيما بينهم.
“إنها فرصة لتبادل المعلومات عن ثقافة القرى والبلدان في فلسطين”. قال هشهش.
في كتاب فلسطين لوحة فسيفسائية ملونة/ دليل المسارات السياحية: يوجد في المحافظات الشمالية الضفة الغربية، اربعة اجزاء جيومورفولوجية والمعني بعلم تضاريس الأرض، رئيسية هي،جبال نابلس، جبال القدس، وجبال الخليل، وأخدود وادي الأردن.
ويشير محتوى الكتاب الى أن المحميات الطبيعية واحدة من أهم مفردات السياحة البيئية في فلسطين، إذ تشكل هذه المحيمات 9% من مساحة فلسطين، ويقدر عدد الأنواع الحية النباتية والحيوية في فلسطين التاريخية حوالي 51 ألف نوع، تشكل ما يقارب 3% من التنوع البيولوجي العالمي.
والنتائج التي يخرج منها المشاركون في هذه الجولات عظيمة، إذ أنها أماكن غنية بالتنوع البيئي والحيوي.
قال الشيخ: “أنت في ظروف ملائمة للتوثيق والاستكشاف”.