سوسنة
الحارث الحصني
ترسو “سفينة نوح”، وهي تضم “البنك العالمي للبذور” أو ما يسمى ببنك سفالبارد للبذور في العمق المتجمد في سفالبارد النرويجي، على بعد أكثر من 1000 كيلومتر من القطب الشمالي.
ووصل الى ذلك المكان المخصص لحفظ البذور وافتُتح عام 2008 بتمويل نرويجي، 21 صنفا أرسلتها مؤخرا لجان العمل الزراعي، وهي مؤسسة زراعية فلسطينية غير حكومية، للحفظ.
وكان مخزن البذور العالمي أو ما يطلق عليه قبو” يوم القيامة” أو سفينة نوح الزراعية افتتح في عام 2008، وهو يوفر شبكة أمان في حالة وقوع كارثة طبيعية أو حرب أو تغير المناخ أو المرض أو الكوارث من صنع الإنسان.
وتهدف محمية سفالبارد العالمية للبذور إلى حماية التنوع البيولوجي تحسبا من الكوارث الطبيعية أو الحروب أو التغير المناخي والأمراض.
“كانت عملية معقدة، لكنها في نهاية الأمر تمت”. قالت مسؤولة التعاون الدولي في لجان العمل الزراعي، سناء كراجة لمنصة ” سوسنة”.
ولم تكن فكرة حفظ 21 نوعا من البذور الأصلية، ضمن نحو 1,3 مليون عينة من حوالي 223 دولة ، في البنك محض صدفة، بل عملت هذه الجهة المسؤولة على هذا الأمر منذ حوالي سبعة أشهر.
والدفعة التي أرسلتها لجان العمل الزراعي من بذور (كــالبندورة، والسباخ، والجزر، والفاصولياء، والخس والباذنجان)، هي أول دفعة لفلسطين، لكنها لا تتضمن بذورا من غزة التي تشهد حربا متواصلة منذ عام أدت الى خراب في القطاعات الزراعية والبيئية.
“نحن نعيش في ظروف يمكن أن نفقد فيها أشياء كثيرة”. قالت كراجة.
“ونحن نتحدث عن الهوية الفلسطينية، والتراث الفلسطيني الأصيل، تشكل البذور المرسلة وجها حقيقيا من وجوه ذلك التراث، وحفظا موثقا للهوية الفلسطينية، لا سيما في صراع مستمر مع الهوية الدخيلة”.
تقول كراجة إنه في الوقت الذي يسعى فيه الاحتلال إدخال بذور “دخيلة” إلى السوق الفلسطينية، نعمل على حفظ بذورنا الأصلية في أماكن آمنة.
في العمق المتجمد تحفظ البذور التي يسعى من خلالها القائمون على المشروع، للحفاظ على التنوع البيولوجي في مواجهة التحديات القادمة التي يمكن أن تؤثر عليه.
تم افتتاح قبو سفالبارد العالمي للبذور بتمويل من النرويج، صمم لتحمل الظروف البيئية القاسية، لحفظ البذور للمدى البعيد جدا.
وفي البنك النائي عن مراكز الصراعات والحروب في العالم، تحفظ البذور الأصلية في أجواء ملائمة للحفظ إلى ما لا نهاية.
قالت كراجة إن الحفظ في البنك العالمي للبذور يمكن أن يمتد لعقود أو قرون، بل حتى لآلاف السنين، بدرجة حرارة -18 مئوية.
ونقلت لجان العمل الزراعي في الأيام الماضية 500 بذرة من كل صنف، لحفظها في البنك المهتم بحفظ البذور.
والبذور التي أرسلت في الأيام الأخيرة إلى البنك الدولي، لا تحتاج إلى الري (بعلية)، ومقاومة للظروف المناخية الصعبة، وتنتج بذورها ذاتيا.
تتوقع كراجة أنه عندما تنتهي الحرب التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة، سيكون هناك الكثير من أنواع النباتات التي دخلت طور الانقراض، لكن بإمكان هذه الخطوة أن تحفظ جزءا من تلك البذور يمكن اعادة استخدامها مرة أخرى مستقبلا.
في فلسطين، تحفظ البذور بثلاثة طرق متبعة، الحفظ قصير الأمد أو التخزين الجاف بدرجة حرارة الغرفة، وفيها يتم إبقاء الرطوبة أقل من 10-15%، وتستمر فترة الحفظ من 1 إلى 5 سنوات.
تُحفظ البذور في بنك البذور المحلي أو عند المزارعين بهدف تبادلها للموسم التالي، وهذه الطريقة هي الأكثر استخداما في بنك البذور البلدية لدى اتحاد لجان العمل الزراعي.
وفي الحفظ متوسط الأمد، تُحفظ البذور على درجة حرارة 4 مئوية في بنك البذور فقط، مع الحفاظ على الرطوبة أقل من 10%، وتستمر فترة الحفظ من 5 إلى 10 سنوات، وتُستخدم للاحتفاظ ببعض الأصناف النادرة غير المطلوبة موسميًا، مثل الخيار البلدي.
والحفظ طويل الأمد، يتم الحفظ على درجة حرارة -20 مئوية في بنك البذور لمدة تتراوح بين 10 و50 سنة، ويشمل معظم الأصناف المتداولة في بنك البذور بعد التأكد من نقاء تلك البذور من خلال زراعتها لعدة مواسم لدى المزارعين.